بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 6 نوفمبر 2013

الفأل والتطير

الـفأل والتطير

كل المجتمعات سواء كانت متحضرة أو ما زالت تعيش عصر الهمجية بقيت تحتفظ بموروثها القديم ديني أو عقائدي أو أسطوري ،ومن بين المعتقدات فكرة الفأل والتطير.فالمجتمعات الغربية ( المتحضرة) ما زالت اليوم تسيطر عليها فكرة اللعنة والتشاؤم من بعض الحيوانات والطيور والأرقام والأماكن وأيام والأسبوع والشهر والسنة وبعض النجوم والأقمار والكواكب ، وأما المجتمعات التي تعيش في حضيض التخلف فهي منغمسة إلى الأذقان في شعوذة الفأل والتطير ، والمجتمعات الإسلامية رغم أن الدين الحنيف حررها من الاعتقادات الزائفة إلا أنها ما زالت فطورها الصباحي الفأل والتشاؤم.

" من بين الآيات التي ذكر فيها التطير أو التشاؤم قوله تعالى:]قالوا إنا تطيرنا بكم، لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم. قالوا طائركم معكم، أئن ذكرتم، بل أنتم قوم مسرفون[قيل في تفسير معنى التطير الذي ورد ذكره في الآية إن العرب كانت تتيمن بالسانح: وهو الذي يأتي من ناحية اليمين، وتتشاءم بالبارح: وهو الذي يأتي من ناحية الشمال.

وبما أن التطير يبعث في نفوس الناس اليأس والإحباط والخوف من الإقدام على فعل الشيء الذي يعتقد أنه من النحوس، فقد حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من التصديق بمثل هذه المعتقدات التي تتنافى والتوكل على الله. فقد ورد قوله عليه الصلاة والسلام:)لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، وفِرَّ من المجذوم كما تفر من الأسد((صحيح البخاري).

وقوله:)لا طِيَرَةَ وخيرها الفأل(، قيل: وما الفأل ؟ قال:)الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم(، وفي حديث آخر:)الكلمة الطيبة((صحيح البخاري).

وقال:)الطيرة من الشرك، وما منا ولكن الله يذهبه بالتوكل((سنن الترمذي)،

وقال:)إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت(، أي من الشيطان(مسند أحمد).

وعن أبي حسان قال دخل رجلان من بني عامر على عائشة فأخبراها أن أبا هريرة يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الطيرة من الدار والمرأة والفرس فغضبت فطارت شقة منها في السماء وشقة في الأرض، وقالت: والذي أنزل الفرقان على محمد ما قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم قط . إنما قال:}كان أهل الجاهلية يتطيرون من ذلك{. وفي رواية أخرى: وقرأت قوله تعالى:]ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب[إلى آخر الآية(مسند أحمد). 

إن الأحاديث التي ذكرناها تحذر من التشاؤم وتعتبره من الشرك ومن أعمال الشيطان. وهذه المعتقدات تعد من مخلفات عقائد الأرواح والأشباح والآلهة التي كانت سائدة في العصور القديمة، ومازال من يعتقد بها حتى في المجتمعات الراقية في الوقت الحاضر.

والتطير هو التشاؤم من بعض الأشياء. ومن علامات الفأل السيئ الغراب والهامة (البومة) والعقرب والخفاش والمرآة المكسورة ورؤية الذئب في الصباح. وإذا تعثر الإنسان في الطريق عُدَّ شؤما.

ويقابل الفأل الرديء دلالات مبشرة بالخير وتعد من الفأل الحسن، كرؤية الحمام والحجلة. ودخول حشرة إلى البيت تسمى (بالمبشرة) وهي في حجم الذباب الكبير، يعتقد أنها تحمل أخبارا سارة لأهل البيت.

وهناك أرقام يعتقد أنها من الفأل الحسن كرقم 7 وهو رمز قديم في أساطير الأولين وله علاقة بالأزمنة. وأرقام أخرى توصف بأنها للتشاؤم كالرقم 13 الذي لا يؤخذ به في ترقيم أبواب الفنادق، ويظل في رأي الغرب المسيحي باعثا للنحوس، ويقال في تعليل التطير منه إنه يرمز إلى(يهوذا) الذي خان المسيح في قصة العشاء المقدس، وكان ترتيبه من بين الجماعة الثالث عشر، فندم على خيانته فانتحر.

وقد يكون التشاؤم من بعض أيام الأسبوع كيوم الأربعاء. كما يكون التشاؤم من بعض الألوان: فاللون الأبيض عادة ما يبعث على السرور والتفاؤل، واللون الأسود دائما يرمز إلى التشاؤم ويقترن بالأحزان والمآسي. واللون الأزرق يعد من الألوان التي تبعث على التفاؤل بعد اللون الأبيض. واللون الأحمر يعد من وجهة نظر الناس من الألوان التي ترمز إلى الحب والسعادة، كما يرمز اللون الأخضر إلى الخصوبة. واللون الأصفر يدل برأي مفسري الأحلام على مرض متوقع الحدوث.

وأكثر ما يتطير منه عامة الناس ما يرونه من أحلام مزعجة، ويسود الاعتقاد أنها بمثابة تنبيه لما سيحدث لهم من مصائب.

وهناك من الناس من ينتظر بشوق كبير قراءة أبراجه على صفحات الجرائد والمجلات ويشتريها لهذا الغرض ويظل متعلقا بما وجده ببرجه.

وإذا كان التطير مصدره تلك العقائد القديمة  التي كانت سائدة قبل مئات السنين، فإن الإسلام اعتبرها من الشرك ومن عمل الشيطان كما يتضح من خلال الحديث الذيروي في مسند أحمد:)العيافة والطرق والطيرة من الجبت(، أي من فعل الشيطان.

وقد ورد النهي عن التشاؤم والتطير حتى في الديانات التي سبقت الإسلام، من ذلك ما ورد ذكره في التوراة: فلا تتعلم أن تفعل مثل رجس تلك الأمم. لا يوجد فيكم من يجيز ابنه أو ابنته في النار، ولا من يتعاطى العرافة، ولا عائف ولا متفائل ولا ساحر، ولا من يرقي رقية، ولا من يسأل جانا أو تابعة، ولا من يستشير الموتى".استشارة الموتى فكرة غير صحيحة ،وجل المعتقدات التي تدور في فلك الشعوب الإسلامية مصدرها توراتي.

وتصديق هذه الأشياء منهى عنه كما جاء في الحديث:)من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك(، قيل: يا رسول الله، ما كفارة ذلك ؟ قال:)أن يقول أحدهم: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك(مسند أحمد.

عبد الفتاح بن عمار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق